حركة النهضة في بيان : فشل الاستفتاء وسقط الدستور

نشرت حركة النهضة بيانا للرأي العام، هذا ما جاء فيه :

لم تنته بعد مهزلة الاستفتاء بكل ما سبقها وما رافقها من تحايل ومغالطة وما نتج عنها من ‏فشلٍ.‏


‏‎ورغم كل ذلك وكما كان متوقعا ونبهنا إليه في حركة النهضة، فإن الانقلاب ومن معه ‏ماضون في طريق إغراق البلاد في الاستبداد السياسي والإفلاس والتفقير والدفع بها نحو التناحر ‏والانهيار غير عابئين بكل الرسائل التي وجهها إليهم الشعب مرارا وتكرارا سواء عبر الشارع ‏الديمقراطي وتحركاته المتتالية أو عبر نسبة المشاركة الضئيلة في الاستفتاء رغم كل ما فيه من ‏ضروب التجاوز والتزييف.‏


‏‎لقد حاول سعيد تمرير دستور كتبه بنفسه يعطي فيه لنفسه صلاحيات فرعونية ويهمش فيه كل ‏مؤسسات الدولة ويرتهنها إليه وعلى رأسها السلطة التشريعية والسلطة القضائية وهيئة الانتخابات ‏الخ…‏


‏‎وجاء هذا بعد أن كان انقلب على الدستور الذي وصل به إلى الرئاسة وأقسم أمام الملايين على ‏احترامه فكان أول ضحاياه وبعد أن حل مجلس نواب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء وغير قانونه الأساسي والهيئة العليا ‏المستلقة للانتخابات وعين مكانها هيئة تابعة له بمرسوم أفريل 2022 وحصنها في الفصل 14 منه أمام كل محاسبة مهما فعلت !! وبعد أن عزل البلاد في العالم ‏وجعل صورتها مهتزة تعيش أزمة على جميع المستويات.‏


‏‎لقد أكدت حركة النهضة منذ اللحظات الأولى في 25 جويلية 2021 أن الذي حصل هو ‏انقلاب وتجب مقاومته وأنه سيأتي على الأخضر واليابس وقد برهنت الشهور الموالية صحة تلك ‏القراءة واعتبرت النهضة ومازالت أن الذي قام بانقلاب على كل ما أقسم على احترامه وعلى رأسها ‏الدستور ومؤسسات الجمهورية لن يتردد إطلاقا في الدوس على ما هو دون ذلك واعتبرت أن ما ‏بني على باطل فهو باطل ورفضت بالتالي كل أساليب التحايل على الشعب وعلى قيم الجمهورية ‏وكل الطرق الشعبوية المتبعة والاستغباء المعتمد.‏


‏‎واليوم وبعد أن سخر كل وسائل الدولة وخاصة المالية والإدارية ووظف الاعلام العمومي ‏وخاصة القناة التلفزية الأولى للدعاية الحصرية لمشروعه الدستوري ورغم كل الخروقات ‏والتجاوزات والشبهات الجدية للتزوير التي عكستها الأرقام المضطربة والمضخمة جدا الصادرة عن ‏هيئة الانتخابات المعينة ورغم كل ما سجلته منظمات المجتمع المدني من غياب المراقبين ‏والملاحظين ومنع الصحافيين من أداء مهامهم ورغم خطاب قيس يوم الصمت الانتخابي في مخالفة ‏كبيرة للقانون وصمت هيئة الانتخابات المعينة، ورغم تمديد الوقت (من السادسة صباحا الى العاشرة ‏ليلا) في الداخل وفي الخارج، إلخ… رغم كل ذلك فقد رد الشعب التونسي بنسبة لا تقل عن 75‌‎%‌‏ ‏بالرفض واللامبالاة تجاه دعوة المشاركة وبالتالي رفض المشروع المطروح ومن ثمة رفض المسار ‏الذي أدى إليه.‏


‌‏1.‏ إن مقاطعة 75‌‎%‌‏ على الأقل من المسجلين في السجل الانتخابي لهذا الاستفتاء المفتعل لَتُعَبِر عن ‏رفض الشعب لهذا المشروع وبالتالي سقوطه نهائيا، إذ الدساتير هي العقد الاجتماعي الأول ‏وقانون القوانين ولا تُمرر إلا بمشاركة لا تقل عن 50‌‎%‌‏ فكيف اذا كانت المشاركة رغم كل ‏ضروب التزييف لا تزيد عن ربع المسجلين.‏
‏‎لقد فشل الاستفتاء وسقط بالتالي مشروع الدستور وبقى دستور 2014، دستور الثورة الشرعي، ‏ساري المفعول رغم الانقلاب عليه، انقلاب يبقى دائما فاقدا للشرعية والمشروعية.


‌‏2.‏ إن النتيجة الطبيعية لفشل الاستفتاء وسقوط دستور سعيد للحكم الفردي الفرعوني يستوجب ‏استخلاص العبر من ذلك وعلى رأسها اعترافه بفقدان شعبيته ولكنه لا ينظر إلى الأرقام ودلالتها ولم يكن يستفتي الشعب حقا وإنما ‏كان يبحث عن بعض الشرعية متوهما الحصول على بيعة فكان رد الشعب صاعقا. وهل بقيت له بعد ‏كل هذا شرعية للتحدث باسم الشعب أو الادعاء بأن الشعب معه !؟ لقد اتضح ذلك منذ ‏أشهر عديدة بما عبر عنه الشارع الديمقراطي من مسيرات واحتجاجات في حين عجز أنصاره ‏عن تنظيم أي تظاهرة حتى خلال الحملة الانتخابية للاستفتاء ولم يَبْرَعُوا إلا في حملات التشويه ‏والسب ونشر الإشاعات وخطابات التقسيم وبث الكراهية.‏

‌‏3.‏ بتعنته وتماديه في فرض مشروعه الاستبدادي يزيد سعيد في تعميق أزمة البلاد السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية وفي عزلتها الدولية وفي الزج بها في طريق الانقسام والإفلاس ‏والفتن والتناحر.‏


‌‏ونحن في حركة النهضة سنواصل النضال ضد هذا الانقلاب وسياساته المؤدية بالبلاد إلى ‏التهلكة وسنعمل على التنسيق مع كل المستعدين للدفاع عن الجمهورية ومكاسب الثورة، ‏الداعمين للعودة إلى الشعب في انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وشفافة تتجدد بها ‏شرعية النظام التونسي ومؤسساته وتتمكن بها البلاد من التصدّي لأزمتها العميقة وخاصة منها ‏الاقتصادية الاجتماعية وترتقي بصورتها وتعاونها مع الدول الشقيقة والصديقة.‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى